نشر موقع إنفيرس الأمريكي المتخصص في الأخبار العلمية تقريرًا كتبته سارة ويلز، كاتبة متخصصة في تغطية الأخبار العلمية والتكنولوجية، عن تطوير علماء الفضاء لكاميرا فائقة الدقة تفوق جودتها كاميرات الهواتف الذكية 250 مرةً ستَكشِف عن جوانب من الكون لم نرها من قبل.
وفي بداية التقرير، تقول الكاتبة إنه إذا كنتُ مستاءً من ظهور مسام وجهك بوضوح في الصور عالية الدقة، فإنك لا محالة سترغب في تجنب التقاط صورة باستخدام كاميرا فائقة الحساسية صنعها مركز ومختبر ستانفورد الخطي الوطني المعجل التابع لوزارة الطاقة الأمريكية وتبلغ دقتها 3.2 مليار بيكسل.
ويخطط علماء الفضاء لاستخدام منظار تلسكوبي به كاميرا بحجم السيارة لالتقاط صور ضخمة وشاملة للسماء الجنوبية باعتبار هذه الكاميرا جزءًا مما يُعرف بـ«مِقراب المسح الشامل الكبير» (هو مرصد فلكي تحت الإنشاء في شيلي ستكون مهمته الرئيسية إجراء مسح فلكي «المسح الإرثي للمكان والزمان»).
خطوة بالغة الأهمية
وأوضح التقرير أنه من خلال هذا المرصد سيتمكن العلماء حرفيًّا من رؤية الكون بطريقة غير مسبوقة على الإطلاق، مما يساعدهم في الوصول إلى حل لبعض الأمور المُبهَمَة في علم الفلك؛ مثل كيفية تطور المجرات وكيف تتضارب النظريات حول المادة المُظلِمة والطاقة مع الواقع.
لكن قبيل إطلاق هذه الكاميرا الضخمة في رحلتها النهائية من شمال كاليفورنيا إلى المرصد الفلكي في شيلي (المعروف أيضًا باسم مرصد روبين)، التقط فريق مختبر ستانفورد بعض الصور التجريبية. وهذه الصور التي تبلغ دقتها 3200 ميجابيكسل لأجسام معقدة (وإن كانت أجسامًا أرضية) مثل رأس زهرة البروكلي هي أكبر الصور التي التُقِطت على الإطلاق.
وأضاف التقرير أن الحصول على صور لأجسام مثل رأس زهرة البروكلي قد لا يبدو أكثر التطورات إثارة، إذ قال فينسنت ريوت، مدير مشروع كاميرا التلسكوب في مختبر لورانس ليفرمور الوطني التابع لوزارة الدفاع، في تصريح له: «إن الصور الأولى التي أُلتقِطت تمثل خطوة بالغة الأهمية وتوضح كيف أن هذه الكاميرا ستلتقط صورًا في منتهى الدقة عند تصوير الفضاء».
وأضاف ريوت: «إن هذا يعد حدثًا مهمًا وعلامة فارقة بالنسبة لنا. كما أن المستوى البؤري سينتج صورًا لتلسكوب المسح الشامل، ولذا فإن هذه الكاميرا ستكون بمثابة العين الحساسة القادرة على التقاط أدق التفاصيل لدى مرصد روبين».
كيف فعلوا ذلك؟
إن التصميم الأساسي للكاميرا لا يختلف عن تصميم الكاميرا الموجودة في هاتفك الذكي العادي – والضوء الذي ينبعث من الأجسام أو ينعكس من عليها يُلتقَط باستخدام مكونات حساسة للضوء وتُحوَّل إلى إشارات كهربائية. ويمكن ترجمة هذه الإشارات إلى معلومات بيكسل دقيقة لتجميع الصورة معًا.
إن ما يميز تصميم هذه الكاميرا أنها مزودة بـ189 مستشعرًا ضوئيًّا منفردًا، كل مستشعر يوفر معلومات بدقة 16 ميجابيكسل. وعند مقارنتها بالهواتف الذكية نجد أن الهاتف المحمول القياسي يوفر ما يصل إلى 16 ميجابيكسل فقط بصورة إجمالية؛ أيِّ 1/189 من قوة هذه الكاميرا.
ولفت التقرير إلى أنه في أيِّ وقت من الأوقات، تُجمَّع تسعة من المستشعرات معًا لتشكيل ما يطلق عليه الفريق «طوفًا علميًّا». ويبلغ طول كل مستشعر 2 قدم ويزن 20 رطلًا. ناهيك عن أن سعر القطعة الواحدة منه يبلغ 3 مليون دولار.
النجاح في تصميم هذه الكاميرا
تتكون الكاميرا من 21 طوفًا علميًا، بالإضافة إلى أربع طوافات إضافية غير تصويرية تساعد على بقاء جميع الطوافات سويًّا. وتُستخدَم هذه المستشعرات معًا لإنشاء مستوى بؤري – المنطقة الواقعة أمام الكاميرا حيث تكون الأجسام في بؤرة التركيز – قادر على تحديد الصور وتحليلها وتكون أكثرة عتمة بمقدار مئة مرة مما يمكن للعين المجردة رؤيته، كالشمعة الموجودة مثلًا على مئات الأميال.
لكن النقر على هذه الطوافات العلمية في مكانها لإنشاء صورة عالية الدقة ليس بالمهمة السهلة. ويجب وضع الطوافات بعناية لتكن على مسافة أقل من عرض الشعرة عن بعضها البعض – وهي مهمة حساسة، حيث يمكن أن يؤدي تجميعها معًا عن طريق الخطأ إلى حدوث تشققات ضارة.
وتقول هانا بوليك، المهندسة الميكانيكية في مركز ومختبر ستانفورد الخطي الوطني المعجل والتي شاركت في هذا المشروع، في بيان لها: «إنها كانت وظيفة حساسة للغاية، لكن أداء الفريق ارتقى إلى المستوى المطلوب من الجودة». وأضافات هانا قائلة: «إن الجمع بين المخاطر العالية ودرجة تحمل هذه المخاطر جعل هذا المشروع صعبًا للغاية. لكن مع وجود هذا الفريق ذي المؤهلات المتعددة نجحنا في تحقيق ذلك».
ما هي النتائج؟
توقف تشييد المرصد في مارس (آذار) 2020 بسبب جائحة كورونا، لكن الفريق بدأ في العودة بأمان إلى المختبر في مايو (أيّار) لاختبار الكاميرا.
وعلى الرغم من عدم تزويدها بمجموعة العدسات الكاملة، فقد تمكَّن الفريق من خداع الكاميرا لالتقاط صور عالية الدقة في المختبر عن طريق عرض الضوء من خلال ثقب يبلغ قطره 150 ميكرون. واختبر الفريق الكاميرا على بعض الأجسام مثل زهرة البروكلي، وهو نبات معروف بخصائصه الشبيهة بالفركتلات، ونقش فرنسي للسماء من القرن التاسع عشر، وصورة لفيرا روبين، عالمة الفلك المؤثرة التي أُطلِق اسمها على مرصد شيلي.
هذه الصور التي تبلغ دقتها 3200 ميجابيكسل هي أكبر صورة ذات لقطة واحدة التُقِطَت على الإطلاق. وتتطلب ما يقرب من 400 شاشة تلفزيون عالية الجودة بدقة 4.000 بيكسل لعرضها بالكامل. وعلى سبيل المقارنة، قد يلتقط الهاتف 12 ميجا بيكسل في صورة واحدة.
ما هي الخطوة التالية؟
بحسب ما ذكره فريق مختبر ستانفورد ستكون الخطوة التالية لهذه الكاميرا فائقة الحساسية هي إضافة مكوناتها النهائية، كالعدسات والمصراع ونظام تبديل الفلتر، وبهذا تكون جاهزة لتصوير السماء ليلًا. ومن المُقَرر نقل الكاميرا إلى شيلي في عام 2021 للاختبار النهائي وإدماجها في مرصد روبين.
واختتمت الكاتبة تقريرها بقول جوان هويت، كبيرة مسؤولي الأبحاث في مركز ومختبر ستانفورد الخطي الوطني المعجل ومدير المختبر المساعد للفيزياء الأساسية، في بيان: «إن هذا الإنجاز سيجعل البشرية تفهم مكانتنا في الكون أكثر من أيِّ وقتٍ مضى».
وأضافت قائلة: «قُرْب الانتهاء من تجميع الكاميرا أمر مثير للغاية، ونحن فخورون للقيام بمثل هذا الدور المحوري في بناء هذا المكون الرئيس لمرصد روبن». وأردفت: «إنها علامة فارقة تُقرِّبنا من استكشاف المسائل الأساسية المتعلقة بالكون بطرق لم نكن قادرين على القيام بها من قبل».
مصدر: https://www.sasapost.com/translation/a-3200-megapixel-camera/