كيف يجب أن نتعامل مع علوم البرمجة اللغوية العصبية؟

كيف يجب أن نتعامل مع علوم البرمجة اللغوية العصبية؟

بعد 20 سنة بالتمام والكمال مِن العيش والتعايش، والحب، والدراسة، والبحث اليومي الجدِّي المتواصل، نستطيع القول بكل ثقة وأمانة بوُجوب وإلزاميَّة الانتباه الجيِّد عند مباشرة العمل مع علوم البرمجة اللغوية العصبية لسلاسل كبيرة جدًّا ومعقدة من المعلومات الذكيَّة والخطيرة التي مِن الممكن استقبالها وتخزينها في العقل اللاوعي بشكل لا إرادي مِن أجل تسهيل انتقالها بسلاسة إلى العقل الواعي فيما بعد.

لهذا السبب يجب أن تكون المراقبة دقيقة ومنظمة، والتفكير عِلمي، عَملي، منطقي ومرِن. حتى لا تضيع مِنا أي حلقة، ولا نفقد أو نفتقد إلى أي تفاصيل مهمة قد نندم عليها كثيرًا في المستقبل. بشكل عام، سوف نلاحظ في البداية، وكخطوة أولى أن اللغة غير اللفظية واللغة الجسدية ستدفعنا لا محالة للانتباه إلى وضعية الجسم وتناسقه، وإلى الحركات والإيماءات النموذجية، وتواتر وعمق الأنفاس، وإيقاع العضلات، ودرجة الحرارة وتعرق الوجه واليدين، وحركات العينين، وإيقاع وسرعة المحادثة، ونغمة الصوت. كل هذه التفاصيل والمحطات والعوامل والمراحل تشكل ما يسمى في علوم البرمجة اللغوية العصبية بالفِيسْيُولُوجِية. إذ يشار بهذه الكلمة إلى الخصائص الفيزيائية المختلفة التي يقدمها الشخص عن نفسه، والتي تعنى انعكاس حالته العاطفية بناءً على ما سبق، سنتحدث الآن عن فسيولوجية الصراع، وعلم وظائف الأعضاء بالنسبة للموارد، وكذلك فيما يخص علاقتها بالالتزام والهدف اعتمادًا على حالة ووضعية الشخص؛ هل هو منغمس في موقفه الإشكالي، أو في مرحلة حله والالتزام به، أو أنه في حالة تحقيقه أو إصلاحه. إذ سيتم اللجوء والاعتماد والاهتمام بهذه المفاهيم على نطاق واسع جدًّا في عمليات التغيير والتحويل والتكييف، فقط باستخدام تقنيات البرمجة اللغوية العصبية، لذا يجب تحديد المعاني بوضوح وشفافية:

أ) علم وظائف الأعضاء المتضارب: هو الذي يتم اعتماده عندما يركز المرء تفكيره على المشكلة التي يعاني منها.

ب) فسيولوجيا الموارد: عندما يبدأ الشخص في رؤية الاحتمالات، المعرفة، الموارد أو الخيارات الأخرى الممكن توظيفها في حل مشاكله العالقة.
ج) فسيولوجيا الالتزام: الحالة التي تحدث عندما تكون مدركًا أن السلوك المسبب للمشكل يمكن أن يكون مفيدًا بعض الأحيان، في التوفيق بين مشكلة وآخرى كانت مرفوضة سابقًا.
د) علم وظائف الأعضاء: أي علم وظائف الأعضاء الذي يتم اعتماده عند رؤية طريقة معينة في حل مشكلة ما، مع تخيل تحقيق الهدف المقترح.

ثانيًا: أنظمة الإدراك؛ وهي قنوات إدخال نتلقى من خلالها المعلومات من الخارج، مُلزمون بمعرفتها، تحديدها وإدراكها. موجودة في محيطنا، تدور حَولنا، ومساوية للحواس الخمس. فعلى الرغم من أننا جميعًا نستخدم حواسنا كرادارات لتلقي المعلومات، إلا أن لكل شخص مِنَّا حاسة واحدة أو اثنتين يعتمد عليهما بشكل تفضيلي وأساسي في التقاط ما يحدث، وعلى أساسهما كذلك يخلق تمثيلاته العقلية.

ولمعرفة كيف تكون هذه التمثيلات العقلية، سوف ننتبه إلى الكلمات المستخدمة عند وصف أي إحساس؛ لأن الكلمات في مجملها تشير إلى النظام الحسي المستخدم في توجيه النفس، التي سَتُعْلِمُنَا بالتدقيق عن المسار المفضل لديها. وكيف تَمَّ تلقي المعلومات عنها من الخارج.
نعم؛ ستكون المعلومات التي تصل إلى الدماغ مختلفة، وذلك وفقًا للحس التفضيلي المستخدم، أي أنها ستكون مختلفة، إذا ركزنا على الصور، أو إذا كنا أكثر وعيًا بالأصوات، أو الأحاسيس اللمسية. فعلى سبيل المثال، عند ذهاب الشخص البصري، إلى المسرح، سيكون قادرًا على التقاط جميع الصور مع القدرة على الإخبار بألوان الملابس وأشكالها وطريقة ارتدائها، وكيف كانت المجموعات، وما إذا كانت مساحيق التجميل مبالغًا فيها، طريقة وشكل وجودة التعبير. إن الشخص السمعي الذي يستخدم أذنه بشكل أساسي سَيَحِيلُنا إلى الضوضاء التي كانت في غرفة الانتظار، إلى الموسيقى الرائعة التي صاحبت التمثيل، أو إلى الدفء، أو حدة صوت هذا الممثل أو ذاك.

أما الأشخاص الذين يفضلون اللمس أو الرائحة أو الذوق فسيخبروننا عن نعومة مخمل المقاعد، ورائحة معطر الجو، أو أذواق الأطباق الشهية. بالضبط كما رأينا، فإن المعلومات التي تَمَّ جمعها، والمرسلة مِن طرف الأشخاص المختلفون في هذه الأمثلة ستكون مختلفة تمامًا. الكلمات المستخدمة عند الإشارة إلى المعلومات التي يدركها حِسٌّ معيَّن أو نظام إدراكي تسمى في البرمجة اللغوية العصبية بالتَوَقع. ووفقًا للحس التفضيلي المستخدم عند التقاط المعلومات فإننا نميِّز أربع مجموعات من الأنظمة الإدراكية التي نسميها فاكو (VAKO):

أ) المرئيات (V): هم الأشخاص الذين يستخدمون البصر باعتباره الحس المفضل لديهم عند اكتشاف واستكشاف العالم، لذا فإن المعلومات المخزنة ستكون مرئية، لهذا عندما يتحدثون، تجدهم يستخدمون كلمات تشير إلى الصور. وبالتالي فسوف نلاحظ أن شخصًا من هذه المجموعة سيستخدم التنبؤات المرئية التي من شأنها أن تكون من نوع: أراها بطريقة أخرى، أو يجب أن تراها بوضوح، أو هذا حتى تتمكن من الحصول على صورة لما فعلناه، أو أنه أمر محير للغاية، أو كنت فارغًا، أو أرى الحل غائمًا، أو للوهلة الأولى لا يوجد أحد يصدق ذلك، أو لا أعتقد أنه يمكنني رؤية إجابة، أو كان مظهره رائعًا، أو غالبًا ما أغمض عينيه، أو بالطبع عليك مراقبته بـ100 عين، أو لقد خدعنا بمظهره، أو كل ما يلمع ليس ذهبًا، أو يجب أن نلقي نظرة على الأمر، وهكذا دواليك. لكن يميل الأشخاص المرئيون إلى الإيماءات كثيرًا، ويحاولون تعزيز الكلمة بالإيماءات أو التجهم، ويمكن القول إنهم يتحدثون بقوة. ويستخدمون المعلومات المرئية للتخطيط والتذكر واتخاذ القرارات. إنهم في حاجة لرؤية صورة ما يقوله الشخص الآخر، لذلك يفضلون التحدث وجهًا لوجه، بدلًا عن القيام بذلك على الهاتف؛ لأنهم يضعون الكثير من القيمة على الإيماءات.

هم الأفضل دائمًا في تذكر الوجوه أكثر من الأسماء. إنهم يميلون إلى تحريك أعينهم عندما يتحدثون للوصول إلى المعلومات المرئية المخزنة في دماغهم. كما أنهم يعلقون أهمية كبيرة على صورتهم وجمالياتهم، فهم يحبون أن يكون منزلهم أنيقًا، ولهذا فهم يقومون بالاعتناء به جيدًا، وبشكل عام يهتمون كثيرًا بالتفاصيل.
ب) السمعي (أ): النظام الحسي السائد هنا هو الأذن. إننا سنتحدث عن أشخاص عادة ما يتحدثون بطريقة أبطأ ونبرة أكثر استقرارًا. لقد ثبت أن التركيز الكبير على سماع الآخر، يجعل أصحابه يميلون بشكل كبير إلى التمكن من النطق الممتاز، مع العمل على امتلاك صفات وازنة وفعَّالة للخطابة العامة، وهذا هو السبب في أنهم يميلون إلى التحدث بشكل جيد في الأماكن العامة.
كما أنهم يحبون كذلك الاستماع إلى الموسيقى والتعليق عليها والتحدث، لكنهم قادرون أيضًا على تقدير الصمت. لأن الضوضاء تأخدهم إلى عالم التشتيت بسهولة. إنهم يميلون إلى الاهتمام بالنبرة أكثر من اهتمامهم بمحتوى المحادثة. ولديهم صدى في صوتهم، وعادة يتحدثون بوتيرة متوسطة. يحبون التحدث لحل المشاكل وطرح الكثير من الأسئلة. يفضلون التحدث عبر الهاتف بدلًا عن التحدث وجهًا لوجه. أما بالنسبة للإيماءات فحاسة السمع لديهم قادرة على تشغيل إيماءات أبسط وأكثر دقة.
يَدْرعُون بجمل حسية غالبًا ما تكون مِن نوع: هذا يبدو لي رائعًا، أو أنه دائمًا مع نفس الأغنية، أو مرحبًا ما رأيك في نبرة الحديث؟ أو أنت تعطي المذكرة دائمًا، أو هذا الشخص لديه مشاعر طيبة، أو أحب أن أقود الطريق، أو عندما تتحدث معه فهو مثل الشخص الذي يسمع إلى زخات المطر، أو أنا كلي آذان صاغية، أو عندما يصدر النهر صوتًا ماء يحمله، أو هناك شائعات عن حدوث شيء ما، أو لا أريد سماع المزيد من أغاني صفارات الإنذار، وهكذا.

ج) الحركية (K): وتشمل أولئك الذين نظامهم التفضيلي هو اللمس. يتحدث الأشخاص الحماسيون بالطريقة البطيئة والعميقة، فهم يميلون إلى استعمال أيديهم بشكل متكرر عند التحدث، وحتى أنهم يقومون أحيانًا بلمس الشخص الذي يتحدثون إليه.
قد يشعرون بعدم الراحة في البيئات عالية الضوضاء. الآن عندما تفكر في أن عينيك تتجه نحو الأسفل، فاعلم أنك تحب التواصل مع الأحاسيس العاطفية.
ستكون الدروع الحركية التي يستخدمونها على غرار أشعر بالسوء، أو عندما أدرك ما حدث، أو إن وجودك ينتج شعورًا غريبًا في داخلي، أو أعتقد أننا يجب أن نقدم له يد المساعدة، أو أشعر بالفرح، أو قلبي في قبضتي، أو أسبح دائمًا ضد التيار، هذا يجعل شعوري يقف عند نهايته، أو هذا صعب جدًا، أو يجب أن تبقي قدميك على الأرض، أو هذا الأمر لا يناسب تفكيري، إلى آخره.
د) الشم أو الذوق (O / G): هم أولئك الذين يدركون الأشياء بشكل أساسي عن طريق الرائحة أو الذوق. هم عادة أقلية، وهناك مِن المختصين مَن يدرجونهم في قسم الحركية؛ لأنهم يشبهونهم كثيرًا. يطلق عليهم اسم O أو G وعادة ما يستخدمون في تحصيناتهم التعبيرية جُملًا مثل ما يلي: أحب أن أتذوق ما تقدمه لي الحياة، أو اقتراحك له رائحة غريبة، أو تلك القضية مثيرة، أو هذا الأمر مقرف، أو لقد تركت لي هذه التجربة في حياتي مذاقًا مريرًا، أو عليك أن تلصق أنفك في كل شيء، وهكذا.
يحدث أحيانًا أن يتم استعمال أكثر من حاسة عند إدراك الإحساس، فعلى سبيل المثال عندما نفكر في زهرة نلتقط صورتها ورائحتها، أي نعيدها إلى الذاكرة. ويحدث هذا بسبب تسجيل المعلومات من كلا المسارين الإدراكيين، وهو ما نسميه تداخل الحواس.
إذا عندما تتداخل الحواس فيما بينها بحيث يصعب الفصل فيما يمكن إدركه في كل واحدة منهما، عندها نقول إن الحس المواكب قد تم تأسيسه. ويُعرَّف الحس المواكب بأنه التعايش الذي يمر به عضو حسي في اللحظة التي يكون فيها عضو آخر متحمسًا. لفهم ذلك، يمكننا أن نضع، على سبيل المثال، حقيقة الشعور بالغثيان عند التفكير في وجبة أو عدم القدرة على الكلام عند رؤية حدث صادم. في هذه الحالات، تكون المعلومات المؤرشفة أكثر قوة نظرًا لأن عبور الحواس يكثف الأحاسيس المتصورة ويجعلها أقوى. غالبًا ما تكون هذه هي الطريقة التي يتم بها تسجيل التجارب المروعة، سواء كانت ممتعة أو مؤلمة.

لمعرفة النظام التمثيلي المهيمن، سواء بالنسبة للآخرين أو لنظامنا، فإنه مِن المثير للاهتمام معرفة اختبار (رُوبِرتس ديلتس) حيث توجد بعض الأسئلة الرئيسة التي تهدف إلى معرفة ما هي تفضيلاتنا عند إدراك الواقع. إذ يجب أن نقرأ الأسئلة مع الإشارة إلى أقرب إجابة، لطريقتنا الخاصة هذه في إدراك العالم. فإذا كانت إجابة واحدة غير كافية، فيمكننا الإشارة إلى إجابتين أو أكثر. في ورقة منفصلة سنقوم بتدوين عدد الإجابات التي تكون V أو A أو K.

 

مصدر: https://www.sasapost.com/opinion/neuro-linguistic-programming-sciences/


للتعليقات

اتصل بنا

ارسل رسالة لنا

احصل على جميع المعلومات